حجبت دولة سريلانكا إمكانية الوصول إلى فيس بوك مؤخرا، وهي الخطوة التي قد تبدو رجعية في عصر التكنولوجيا، إلا أن تقرير جديد نشره موقع Buzzfeed يوضح أن قرار سريلانكا يأتي بعد تجاهل فيس بوك لسنوات مطالبات الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة خطاب الكراهية المنتشر عبر منصتها الاجتماعية والذي يحرض على العنف ضد الأقلية المسلمة.
وقال مسؤولون حكوميون وباحثون بالإضافة لممثلين عن منظمات المجتمع المدني إنهم ناشدوا فيس بوك منذ عام 2013 بتطبيق قواعد أفضل للحد من استخدام منصتها كمنبر للدعوة إلى العنف واستهداف الأشخاص على أساس عرقي أو ديني في سريلانكا، وأنهم أثاروا هذه المسألة مع تنفيذيين من شركة فيس بوك في اجتماعات خاصة أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، وذلك من خلال مشاركة أبحاث تفصيلية عن حجم المشكلة وطرح عينة من المشاركات المحرضة على العنف، لكنهم وفقا لـ Buzzfeed يقولون أن فيس بوك لم تفعل أي شيء لمواجهة ذلك.
تجاهل فيس بوك مناشدات الحكومة ومنظمات المجتمع المدني يعرض حياة الأقليات للخطر
وتوجد نزاعات عرقية كبيرة في سريلانكا بين الغالبية من البوذيين والأقليات، وهي الصراعات التي ارتفعت حدتها مؤخرا بسبب انتشار المجموعات المعادية للمسلمين والمحرضة على العنف ضد المسلمين، والتي بلغت ذروتها في شهر مارس عندما أحرق البوذيون عشرات المتاجر والبيوت والمساجد الخاصة بالمسلمين في وسط سريلانكا، وهو ما جعل الحكومة تحجب منصات التواصل الاجتماعي بما في ذلك فيس بوك وواتساب وانستجرام المملوكتين لها، وبررت الحكومة قرارها للحد من استخدام هذه المنصات في نشر خطاب الكراهية والتحريض على المواطنين المسلمين، حيث لا تتخذ فيس بوك موقفا تجاه مقاطع الفيديو والمنشورات التي تحرض على العنف ضد الأقليات.
وقال هارشا دي سيلفا نائب وزير السياسات الوطنية والشؤون الاقتصادية في سريلانكا عبر حسابه في تويتر أن خطاب الكراهية عبر فيس بوك تزايد إلى مستويات غير مقبولة، وأن على الحكومة إتخاذ قرار فوري لإنقاذ الأرواح، وقال هارين فرناندو وزير الإتصالات والبنية التحتية الرقمية لموقع Buzzfeed أنه لم يكن لدينا بديل لحجب فيس بوك بعد الأحداث المؤسفة تجاه الأقليات، لأن التواصل مع فيس بوك كان سيجعلنا ننتظر ثلاثة أو أربعة أشهر حتى نحصل على رد من الشركة.
مشاركة تحرض على العنف ضد أحد الأشخاص من الأقلية المسلمة في سريلانكا
وتوضح لقطات شاشة لمشاركات فيس بوك انتشرت خلال الأسابيع الماضية دعوات متطرفين بوذيين لاستهداف المسلمين وممارسة العنف تجاههم، وظلت هذه المشاركات لعدة أيام متاحة للمشاركة عبر فيس بوك رغم الإبلاغ عن احتوائها على محتوى يحرض على العنف والكراهية، وحذفت فيس بوك بعض هذه المشاركات لكن بعد أن انتشرت بيم الآلاف من المستخدمين، وقال باحث من مركز بدائل السياسات البحثي في سريلانكا لموقع Buzzfeed أنهم أبلغوا فيس بوك قبل حوالي أربع سنوات عن 20 مجموعة تحض على الكراهية تستهدف النساء والأقليات في ورقة بحثية تفصيلية تضمنت عشرات الروابط ولقطات الشاشة، لكن حتى شهر مارس من هذا العام 2018، لا تزال توجد 16 من أصل 20 مجموعة على فيس بوك.
وانتقد مسؤولون وحقوقيون في سريلانكا عدم اهتمام فيس بوك بمواجهة انتشار خطاب الكراهية عبر منصتها الأكثر شعبية في الدولة ومصدر الأخبار الأول، حيث يرون أن الشركة تقوم تتخذ مواقف أسرع تجاه هذه المشكلة في الدول الغربية أو الناطقة باللغة الإنجليزية، وأن ذلك ربما يعود لكون عدد المستخدمين حوالي 6 مليون فقط.
وتواجه شركة فيس بوك العديد من المشاكل مؤخرا بعد الكشف عن فضيحة استغلال شركة “كامبريدج أنالاتيكا” بيانات 87 مليون مستخدم من مستخدمي فيس بوك في الولايات المتحدة، وذلك بهدف استهدافهم والتأثير عليهم لمنح أصواتهم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016، هذا بالإضافة إلى الكشف عن احتفاظ الشركة بسجلات المكالمات والرسائل لمستخدمي تطبيقها للتراسل الفوري ماسنجر لأجهزة أندرويد، إلى جانب اكتشاف الصحفيين حذف مارك زوكربيرج الرسائل التي تبادلها معهم سابقا، وهي الميزة غير المتاحة لجميع المستخدمين، وهو ما يشير إلى اهتمام الشركة بخصوصية زوكربيرج والتنفيذيين أكثر من المستخدمين.
#لمعلوماتك: سريلانكا أو سري لانكا كانت تسمى بين 1948 و1972 باسم سيلان هي دولة جزرية تقع في شمال المحيط الهندي جنوب شبه القارة الهندية، في جنوب آسيا.
